لم يكن مبدأ التطوع غائباً في أي يوم عن ثقافة أبناء الإمارات والمقيمين على أرضها، وهي الدولة التي قامت على فعل الخير ونشره وإيصاله للمحتاجين في شتى بقاع الأرض، إلا أن هذا العام الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، عاماً للخير، أعاد ترتيب أولويات الحياة ولا سيما عند الشباب، وفتح الأبواب مشرعة أمام مأسسة فكرة التطوع لتدخل جهود أبناء الإمارات مجال التنافسية العالمية، في وقت أعلنت وزارة تنمية المجتمع عن إطلاقها «منصة للتطوع» إلكترونية، خلال الربع الأول من العام الجاري، وتستهدف إيجاد «قاعدة بيانات للمتطوعين» بنهاية العام.
إلى ذلك، طالب عدد من المسؤولين بتكريس ما يعرف بالمتطوعين المتخصصين، وضرورة زيادة البرامج التطوعية.
اهتمام كبير
وتفصيلاً كشفت حصة تهلك مستشار الوزارة لـ«البيان»، عن إطلاق الوزارة «منصة للتطوع» إلكترونية، خلال الربع الأول من العام الجاري، تكون مظلة للعمل التطوعي على مستوى الدولة، وتستهدف إيجاد «قاعدة بيانات للمتطوعين» بنهاية العام، وتوحيد المجهودات المقدمة من المؤسسات والأفراد، وتنظيمها بشكل يمكنها من تعزيز كافة البرامج التطوعية المتخصصة بما يخدم المجتمع.
وذكرت أن إطلاق مبادرة «الشراكات المجتمعية» سيكون موجهاً لمؤسسات القطاع الحكومي والخاص وشبه الحكومي ومؤسسات المجتمع، ومن شأنه الاستفادة من قدرات هذه الجهات وتوجيهها للشرائح التي تخدمها الوزارة مثل ذوي الإعاقة وكبار السن وغيرهما.
مسح شامل
وأوضحت أن الوزارة أجرت مسحاً شاملاً للتعرف على الجهود المقدمة للعمل التطوعي من المؤسسات والأفراد على مستوى الدولة، والعمل على إيجاد طريقة ممنهجة يمكن الانطلاق من خلالها، لإنشاء قاعدة بيانات لأعداد المتطوعين والتخصصات التي يتطوعون بها، والتواصل مع المؤسسات للتعرف على كيفية إفادتهم من جهود هؤلاء الأفراد بما يعود بالنفع على المجتمع الإماراتي.
وأضافت تهلك أن الوزارة ستعمل من خلال شراكاتها الحالية والمستقبلية مع العديد من الوزارات والمؤسسات الحكومية وخاصة وزارة التربية والتعليم، فضلاً عن القطاع الخاص، على توفير برامج ومبادرات يمكنها استقطاب نسبة كبيرة من هذه الشريحة المجتمعية، التي من شأنها أن تعزز مستقبل الإمارات في هذا التوجه الإنساني، وجعل التطوع جزءاً أساسياً من ثقافة المجتمع وهو الهدف الرئيسي لتشجيع الأجيال المقبلة وجعل ذلك منهج تفكيرها الدائم. وأبانت أن المنصة ستركز أيضاً على استقطاب الأطفال وطلبة المدارس لتعزيز ثقافة التطوع لديهم وجعلها جزءاً من شخصيتهم المجتمعية، فضلاً عن إرساء قيم الخير والعطاء والبذل، وهو الهدف الذي تعمل على إرسائه إعلان عام 2017 عاماً للخير.
وذكرت أن الوزارة وفرت من خلال فريق عمل، معايير خاصة وقياسية يتم من خلالها استقبال طلبات المتقدمين المتطوعين، وتقييم أعمالهم التطوعية السابقة والتعرف على المجالات التي يتميزون بها، وساعات التطوع التي قضوها، ومن ثم تقييم هذه الإمكانات والقدرات لتوجيهها بالشكل المناسب. وأشارت إلى أن بإمكان المقيمين بالدولة الاشتراك في المنصة، والتعاون مع الوزارة، بما لديهم من إمكانات.
وقال حمد الرحومي عضو المجلس الوطني الاتحادي إن ترسيخ روح التطوع وبرامج التطوع التخصصية في جميع فئات المجتمع لتمكينها من تقديم خدمات حقيقية لمجتمع الإمارات والاستفادة من كفاءاتها في مختلف المجالات أحد المحاور الرئيسية التي يركز عليها عام الخير. وأوضح أن التقارير الدولية تؤكد جهود الدولة في الأعمال التطوعية والخيرية وخاصة أن الدولة باتت تحتل الصدارة عالمياً في هذا الشأن.
أولويات
من جهتهم، أكد عدد من الشباب أن إطلاق عام الخير على العام الجديد أعاد ترتيب الأولويات لديهم، ولفت أنظارهم حول أعمال وسلوكيات نابعة من الدين الإسلامي.وقال سعود الظاهري إنه حريص على التطوع والمشاركة في الفعاليات الخيرية ولكنه لا يجد الوقت الكافي لممارسة هذه الأجواء التي لها طعم خاص، مشيراً إلى أنه وضع نصب عينيه في عام الخير أن يكثف نشاطاته في المجالات التي يفضلها، وخصوصاً تلك التي تتعلق بالتطوع لرعاية كبار السن وإسعادهم.
من جانبه قال عبدالرحمن يوسف إن عام الخير ستختلف فيه الاهتمامات، وسوف يكون فيه من المبادرات ما يستحق تدريسه في المناهج، لافتاً إلى أن تسمية العام الجديد بهذا الاسم هي تتويج لعطاء قيادة الإمارات وأبنائها، الذين دائماً تجدهم سباقين في عمل الخير.
وعي
وتقول سمية مبارك الكثيري، رئيسة فريق أبشر الإماراتي للتنظيم التطوعي في العين: إن أنشطة فريق أبشر التطوعية، جاءت ترجمة لتوجهات قيادتنا الحكيمة والرشيدة بإذكاء روح العمل التطوعي لدى أبناء وبنات دولة الإمارات، من خلال غرس المفاهيم والقيم التربوية التي يحققها العمل التطوعي، ممارسة وفكراً، حيث يقوم أعضاء الفريق بتنظيم الحملات التوعوية وحملات المناشط وفعاليات الأعمال الخيرية في المناسبات العامة.
وأشارت عدوة الهاجري، منسقة البرامج والمناشط التطوعية، إلى أنها اختارت العمل التطوعي بمبادرة ذاتية اكتسبتها من خلال ما تلقته من تعليم وتوجيهات مربياتها ومعلماتها خلال المراحل الدراسية، عن أهمية العمل التطوعي في صقل الشخص وجعله منخرطاً بشكل فعّال في كافة المناشط التطوعية، التي قد تتطلبها ظروف حياتنا اليومية، فهناك الكثير من المناشط التطوعية ذات البعد الخيري والإنساني، تحتاج إلى تكاتف الجهود من أجل مساعدة الآخرين في الملمات والأزمات والحالات الإنسانية الخاصة. ضمن شرائح المجتمع. وأشارت عائشة الظاهري عضو فريق العمل التطوعي، إلى أهمية أن يكون العمل التطوعي بمبادرة ذاتية من الشخص، وتوعيته عبر مناشط تربوية وتعليمية في مختلف المراحل الدراسية وحتى ضمن مؤسسات العمل الوظيفي، وذلك كي يستطيع الشخص امتلاك المهارات والقدرة على تلبية المبادرة والانخراط في العمل التطوعي.
وأشار سلطان حمدان الشامسي، منسق فعاليات أبشر للعمل التطوعي في مدينة العين، إلى أن العمل التطوعي لا يحتاج إلى مستويات تعليمية أو مناهج أو دورات تدريبية فهو بالأساس غريزة إنسانية نبيلة في نفوسنا، ولا سيما في مجتمع دولة الإمارات المبني أساساً على حب عمل الخير والتعاون والتعاضد.
مهمة وطنية
كما أوضح سعيد أنور سعيد المري، أن تأدية العمل التطوعي من وجهة نظره الشخصية، هي ممارسة إنسانية بالدرجة الأولى، كما أنها مهمة وطنية بامتياز من جهة أخرى تلبية لدعوات وتوجهات حكومتنا الرشيدة، التي تدعو إلى الانخراط في العمل الطوعي في مناسبات كثيرة، حيث توجد الكثير من المناسبات والمناشط التي تحتاج إلى انخراط الشباب في العمل التطوعي الذي يجب أن نعمل على غرسه في نفوس أبنائنا منذ نعومة أظفارهم، ونعلمهم وندربهم ونربيهم على أهمية عمل الخير.وأضاف سعيد المعمري متطوع، أن العمل التطوعي أكسبه العديد من المهارات وتنمية القدرات الشخصية والذاتية، ووسع من دائرة علاقاته ومعارفه في المجتمع وصقل شخصيته، فالعمل التطوعي من وجهة نظره، هو مدى قدرة الشخص واستعداداته وقدرته على ممارسة العمل والعطاء من دون مقابل، من أجل الوقوف إلى جنباً إلى جنب مع المحتاجين ومساعدتهم.
وأوضح عمر الهاشمي من فريق العمل التطوعي، أهمية أن تكون هناك مناشط توعوية وتعليمية ضمن المناهج والبرامج التعليمية التي تحض على أهمية الانخراط في العمل التطوعي، وغرسه في نفوس الطلبة منذ الصغر وحتى تخرجهم من الجامعات وانخراطهم في العمل الوظيفي.
121
قالت إيمان الشحي، رئيسة نادي عجمان للتطوع، إن أعضاء النادي، البالغ عددهم 121 طالباً وطالبة، منهم 91 طالبة وطالبان يتبارون من أجل تقديم الابتكارات والمقترحات، بهدف المشاركة في عام الخير ودعم بنك الإمارات للطعام، وذلك من خلال تفعيل المبادرات ووضع الخطط الكفيلة بمشاركة كل الأعضاء في ذلك العمل الخيري الكبير، لافتةً إلى أن مبادرتي عام الخير 2017 وبنك الإمارات للطعام تدلّان على مدى اهتمام الشعب الإماراتي بتقديم العون والدعم لكل الشعوب.
مشاركة
قال محمد البادي إن المواطنين والمقيمين على أرض الدولة لديهم وعي كبير بفعل الخير، لذلك دائماً تجدهم سباقين في المشاركة في كافة المحافل والمبادرات، مشيراً إلى أن العام الجديد سوف يكون مختلفاً ومتميزاً مثل ما كان عام القراءة، وسوف ينصب تركيز الشباب على التطوع الذي تتعدد مجالاته.
وأوضح أن التطوع في عمل الخير من أسهل وأفضل الأعمال، وسوف يصبح بعد مدة قليلة من أولويات الناس واهتمامهم، وقال إن هناك عشوائية بارزة في العمل التطوعي، ولكن مع وجوده كركيزة أساسية في عام الخير سوف تكون هناك مؤسسة وقاعدة بيانات تشمل تخصصات المتطوعين.
156
قال جاسم فايز مدير مدرسة حاتم الطائي في أم القيوين إن 156 طالباً من المدرسة شاركوا في أعمال تطوعية مختلفة خلال العام الماضي، مشيراً إلى أن الساعات التطوعية بالنسبة لطلبة المدارس تعد مهمة لأنها تكسبهم مهارات حياتية عديدة في كيفية التعامل مع كافة الفعاليات والمناشط التي تقام داخل وخارج المدرسة، كما أن البرامج التطوعية تهدف إلى إكساب الطلبة المواطنين ثقافة العمل التطوعي وتنمية مهاراتهم وبناء اتجاهات إيجابية نحو العمل التطوعي.
مبادرات
تحرص مراكز تنمية المجتمع التابعة للوزارة بأنحاء الإمارات على تشجيع الشباب والأعمار الصغيرة على الالتحاق بالبرامج المتخصصة للتطوع، وهو الهدف الذي تعمل على تعزيزه الوزارة، لتشجيع الأجيال الجديدة على الاشتراك في هذه المبادرات الإنسانية.
وسيكون لديها دور كبير في تعزيز هذه المنصة التطوعية، بما لديها من إمكانات تجعلها قادرة على تقديم الدعم اللازم للمتطوعين المتقدمين للالتحاق ببرامج الوزارة، وخاصة في ما يتعلق بالبرامج التدريبية وورش العمل.